إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله وخليله ومصطفاه، فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد: فإن الله تعالى رفع شأن العلم والعلماء وجعل لهما مكانةً سامية ومنزلة رفيعةً، ويكفي للتدليل على هذا أن أول آية نزلت من القرآن الكريم تَحُثُّ على طلب العلم وتَرْفَعُ قدرَه وتُعْلِي شَأْنَه، وكان هذا قبل نزول آيات الدعوة إلى الإيمان والإسلام،قال تعالى : ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق 1_ 5] وقد نوَّهَ اللهُ تعالى بشأن العلم والعلماء في آياتٍ كثيرةٍ ، قال عَزَّ مِنْ قائلٍ : ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة 11] وقال جَلَّ جَلالُه : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر 28 ] وقال جَلَّ ذِكْرُه: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾[طه 114] وقد نَوَّه رسولُ الهُدَى صلى الله عليه وسلم بشأن العلم والعلماء في أحاديث كثيرة منها : قوله صلى الله عليه وسلم : "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" متفق عليه من حديث معاوية رضي الله عنه ( ). وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أَمَا إنَّ نبيّكم قد قال : " إن الله يَرْفَعُ بهذاالكتاب أقوامًا ويَضَعُ به آخَرين" ( ) . وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا مَاتَ الإنسانُ انقطع عنه عَمَلُه إلّا من ثلاثة إلا من صدقة جارية وولد صالح يدعو له وعلم ينتفع به " ( ). وقد أوجب الله تعالى على أهل العلم أن يبلغوا رسالات الله تعالى وألزمهم حِرَاسةَ شريعتِه والذَبَّ عن حِيَاضه والذَّوْدَ عن معالمه وتَفْقيهَ الناس في حقيقته وبَذْلَه لطلابه والإنذار به لقومهم فقال تبارك وتعالى : ﴿ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾ [آل عمران(79] وقال سبحانه : ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾التوبة[122] فالواجب على أهل العلم أن يبلغوا هذا العلم الذي تحملوه لقوله تعالى في هذه الآية { ولي وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ ﴾ ولقوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع "ليبلغ الشاهد منكم الغائب" ( ) ولقوله صلى الله عليه وسلم : " بلغوا عني ولو آية " ( ) ولأن يدخل طالب العلم في الأجر العظيم الذي ورد في قوله صلى الله " فضلُ العالمِ على العابدِ كفَضْلي على أدْنَاكم، إن الله عزَّ وجلَّ وملائكتَه وأهلَ السموات والأرض حتىَّ النملة في جُحْرها وحتى الحوت لَيُصلُّون على معلِّم الناس الخيرَ " ( ). هذا وإن من أهم أوجه التبليغ ونشر العلم وتفقيه الناس في هذا العصر نشره في الموقع فهذا من الوسائل التي إذا أحسنا استعمالها والاستفادة منها تكون أسرع في إيصال العلم من أي وسيلة أخرى غير مباشرة كما أنها أيسر على العلم والمتعلم وأوفر وأخصر وقتا ومالا وجهدا وعليه طلب مني عدد من طلبة العلم وعشاقه فتح موقع رسمي لدروسي ومقالاتي ومؤلفاتي ، وكنت مترددا في ذلك مع علمي بأني _ إذا تم هذا الأمر فأول من يعود إليه نفع ذلك كما قال الإمام مسلم رحمه الله في خطبة صحيحه : "وللذى سألت - أكرمك الله - حين رجعت إلى تدبره وما تؤول به الحال إن شاء الله عاقبة محمودة ومنفعة موجودة وظننت - حين سألتنى تجشم ذلك - أن لو عزم لى عليه وقضى لى تمامه كان أول من يصيبه نفع ذلك إياى خاصة قبل غيرى من الناس لأسباب كثيرة يطول بذكرها" ( ) والرجاء من العلماء وطلبة العلم والباحثين والقراء أن يزودوني بملحوظاتهم واعتراضاتهم واقتراحاتهم فإني – بإذن الله تعالى وتوفيقه – مستعد لتقبل ذلك بصدر رحب والاستفادة منها والعودة إلى الحق والصواب وأسأل الله التوفيق والسداد وإنه مما لا شك فيه أن الإنسان محل الخطأ والنسيان وخاصة كثير من تلك الدروس كانت بارتجال بدون إعداد مسبق ، فعليه فوقوع الخطأ والسهو هو الحاصل لكن العذر أنه غير مقصود وعندي استعداد للعودة للحق والله يتولى السرائر وهو يهدي السبيل وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اقتفى أثرهم واتبع سبيلهم
كتبه أبو عبدالرحمن جيلان خضر غمدا الإثيوبي أدس أببا 27/4/ 1445هـ الموافق 11نوفمبر 2023م هدار 1 عام 2016م سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ جيلان